فصل: فوائد لغوية وإعرابية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.فوائد لغوية وإعرابية:

قال السمين:
سورة البروج:
{قتل أَصْحَابُ الأخدود (4)}
قوله: {قتل}: هذا جوابُ القسمِ على المختارِ، وإنما حُذِفَتِ اللامُ، والأصلُ: لَقتل، كقول الشاعر:
حَلَفْتُ لها باللَّهِ حَلْفَةَ فاجرٍ ** لَناموا فما إنْ مِنْ حديث ولا صالِ

وإنما حَسُن حَذْفُها للطُّولِ، كما سيأتي إن شاء اللَّهُ تعالى في قوله: {قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا} [الشمس: 9].
وقيل: تقديرُه: لقد قتل، فحَذَفَ اللامَ وقد، وعلى هذا فقوله: {قتل} خبرٌ لا دُعاءٌ. وقيل بل هي دعاءٌ فلا يكونُ جواباً. وفي الجواب حينئذٍ أوجهٌ، أحدها: أنَّه قوله: {إِنَّ الذين فَتَنُواْ}. الثاني: قوله: {إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ} قاله المبرد. الثالث: أنه مقدر. فقال الزمخشري ولم يذكر غيرَه: هو محذوفٌ يَدُلُّ عليه {قتل أَصْحَابُ الأخدود}، كأنه قيل: أُقْسِمُ بهذه الأشياءِ إنَّ كفَّار قريشٍ مَلْعونون كما لُعِنَ أصحابُ الأخدود. ثم قال: و{قتل} دعاءٌ عليهم، كقوله: {قتل الإنسان} [عبس: 17]، وقيل: التقدير: لَتُبْعَثُنَّ.
وقرأ الحسن وابن مقسم {قتل} بتشديدِ التاءِ مبالغةً أو تكثيراً. وقوله: {الموعود}، أي: الموعود به.
قال مكي: {الموعود} نعتٌ لليوم. وثَم ضمير محذوفٌ يتمُّ الموعود به. ولولا ذلك لما صَحَّتِ الصفةُ؛ إذ لا ضمير يعودُ على الموصوفِ مِنْ صفتِه. انتهى. وكأنَّه يعني أن اليوم موعودٌ به غيرُه من الناس، فلابد مِنْ ضمير يَرْجِعُ إليه، لأنه موعودٌ به لا موعودٌ. وهذا لا يُحتاج إليه؛ إذ يجوزُ أَنْ يكون قد تَجَوَّزَ بأنَّ اليوم وَعَدَ بكذا فيصِحُّ ذلك، ويكونُ فيه ضمير عائدٌ عليه، كأنَّه قيل: واليوم الذي وَعَدَ أَنْ يُقْضَى فيه بين الخلائِقِ.
و{الأخدود}: الشِّقُّ في الأرضِ.
قال الزمخشري: و{الأخدود}: الخَدُّ في الأرضِ، وهو الشِّقُّ. ونحوُهما بناءً ومعنىً: الخَقُّ والأُخْقُوق، ومنه: فساخَتْ قوائمُه في أخاقيقِ جِرْذان. انتهى.
فالخَدُّ في الأصلِ مصدرٌ، وقد يقعُ على المفعولِ وهو الشِّقُّ نفسُه، وأمَّا الأخدود فاسمٌ له فقط.
وقال الراغب: الخَدُّ والأخدود شِقٌّ في أرضٍ، مستطيلٌ غائِصٌ.
وجمع الأخدود: أخاديدُ. وأصلُ ذلك مِن خَدَّيْ الإِنسان، وهما ما اكتنفا الأَنْفَ عن اليمينِ والشمالِ، والخَدُّ يُستعار للأرضِ ولغيرها كاستعارةِ الوجهِ، وتخدُّدُ اللحمِ زَوالُه عن وجهِ الجسم. ثم يُعَبَّرُ بالمُتَخَدِّدِ عن المهزول، والخِدادُ مِيْسَمٌ في الخَدِّ.
وقال غيره: سُمِّيَ الخَدُّ خَدَّاً لأنَّ الدموعَ تَخُدُّ فيه أخاديدَ، أي: مجاريَ.
{النَّارِ ذَاتِ الوقود (5)}
قوله: {النار}: العامَّةُ على جَرِّها، وفيه أوجهٌ، أحدها: أنه بدل من {الأخدود} بدلُ اشتمالٍ؛ لأنَّ {الأخدود} مشتملٌ عليها، وحينئذٍ فلابد فيه من الضمير، فقال البصريون: هو مقدر، تقديرُه: النارِ فيه.
وقال الكوفيون: أل قائمةٌ مَقامَ الضمير، تقديرُه: نارِه ثم حُذِفَ الضمير، وعُوِّضَ عنه أل. وتقدَّم البحثُ معهم في ذلك. الثاني: أنه بدلُ كلٍّ مِنْ كل، ولابد حينئذٍ مِنْ حَذْفِ مضافٍ تقديرُه: أُخدودِ النار. الثالث: أنَّ التقديرَ: ذي النار؛ لأنَّ الأخدود هو الشِّقُّ في الأرض، حكاه أبو البقاء، وهذا يُفْهِمُ أنَّ النارَ خفضٌ بالإِضافةِ لتلك الصفةِ المحذوفة، فلما حُذِف المضافُ قام المضافُ إليه مَقامَه في الإِعراب، واتَّفَقَ أنَّ المحذوفَ كان مجروراً، وقوله: لأنَّ الأخدود هو الشِّقُّ. تعليلٌ لصحةِ كونِه صاحبَ نارٍ، وهذا ضعيفٌ جدًّا، الرابع: أنَّ {النار} خفصٌ على الجوار، نقله مكيٌّ عن الكوفيين، وهذا يقتضي أنَّ {النار} كانت مستحقةً لغيرِ الجرِّ فعدَلَ عنه إلى الجرِّ للجوارِ. والذي يقتضي الحالَ أنَّه عَدَلَ عن الرفع، ويَدُلُّ على ذلك أنه قد قرئ في الشاذ {النارُ} رفعاً، والرَفعُ على خبرِ ابتداءٍ مضمرٍ تقديرُه: قتلتهم النارُ.
وقيل: بل هي مرفوعة على الفاعلية تقديرُه: قتلتهم النارُ، أي: أَحْرَقَتْهم، والمرادُ حينئذٍ بأصحابِ الأخدود المؤمنون.
وقرأ العامَّةُ {الوقود} بفتح الواو، والحسن وأبو رجاء وأبو حيوة وعيسى بضمِّها، وتقدَّمت القراءتان وقول الناسِ فيهما في أولِ البقرة.
{إِذْ هُمْ عليها قعود (6)}
قوله: {إِذْ هُمْ}: العامل في {إذ} إمَّا {قتل أصحابُ}، أي: قتلوا في هذا الوقتِ.
وقيل: (اذكر) مقدراً، فيكونُ مفعولاً به. ومعنى قعودهم عليها: أي: على ما يَقْرُبُ منها كحافَّتها، ومنه قول الأعشى:
..................... ** وباتَ على النارِ النَّدى والمُحَلَّقُ

والضمير في (هُمْ) يجوزُ أَنْ يكونَ للمؤمنين، وأنْ يكونَ للكافرين.
{وَمَا نَقَمُواْ مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الحميد (8)}
قوله: {وَمَا نَقَمُواْ}: العامَّةُ على فتح القافِ، وزيد بن علي وأبو حيوةَ وابنُ أبي عبلة بكسرِها. وقد تقدَّم معنى ذلك في المائدة.
وقوله: {إِلاَّ أَن يُؤْمِنُواْ} كقوله في المعنى:
ولا عَيْبَ فيها غيرَ شُكْلَةِ عينها ** كذاك عِتاقُ الطيرِ شُكْلٌ عُيونُها

وكقول قيس الرقيات:
ما نَقَمُواْ من بني أُمَيَّةَ إلاَّ ** أنَّهم يَحْلُمُون إنْ غَضِبوا

يعني: أنهم جعلوا أحسنَ الأشياء قبيحاً. وتقدَّم الكلامُ على محلِّ {إن} أيضًا في سورة المائدة.
وقوله: {أَن يُؤْمِنُواْ} أتى بالفعلِ المستقبلِ تنبيهاً على أنَّ التعذيبَ إنما كان لأَجْلِ إيمانِهم في المستقبلِ، ولو كفروا في المستقبلِ لم يُعَذَّبُوا على ما مضى من الإيمان.
{إِنَّ الَّذينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عذاب جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عذاب الحريق (10)}
قوله: {فَلَهُمْ عذاب}: هو خبرُ {إنَّ الذين} ودخلت الفاءُ لما تضمَّنه المبتدأُ مِنْ معنى الشرطِ، ولا يَضُرُّ نَسْخُه بـ: {إن} خلافاً للأخفش. وارتفاع {عذاب} يجوزُ على الفاعلية بالجارِّ قبله لوقوعِه خبراً، وهو الأحسنُ، وأَنْ يرتفعَ بالابتداء.
{وَهُوَ الْغَفُورُ الودود (14)}
قوله: {الودود}: مبالغةٌ في الوُدِّ.
قال ابن عباس: هو المتودِّدُ لعبادِه بالمغفرة. وعن المبرد: هو الذي لا وَلَدَ له. وأنشد:
وأَرْكَبُ في الرَّوْع خَيْفانَةً ** ذَلولَ الجِماحِ لِقاحاً وَدُوْدا

أي: لا ولدَ لها تَحِنُّ إليه.
وقيل: هو فَعُول بمعنى مَفْعول كالرَّكوب والحَلُوْب، أي: يَوَدُّه عبادُه الصالحون.
{ذُو العرش المجيد (15)}
قوله: {المجيد}: قرأ الأخَوان بالجرِّ فقيل: نعتاً للعرش.
وقيل: نعتاً لـ: {ربِّك} في قوله: {إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لشديد} [البروج: 12].
قال مكي: وقيل: لا يجوزُ أَنْ يكونَ نعتاً لـ: {العرش}؛ لأنه مِنْ صفاتِ اللَّهِ تعالى. والباقون بالرفع على أنه خبرٌ بعد خبرٍ.
وقيل: هو نعتٌ لـ: {ذو}. واستدلَّ بعضُهم على تعدُّدِ الخبرِ بهذه الآيةِ. ومَنْ مَنَعَ قال: لأنهما في معنى خبرٍ وأحد، أي: جامعٌ بين هذه الأوصافِ الشريفةِ، أو كلٌّ منها خبرٌ لمبتدأ مضمرٍ.
{فِرْعَوْنَ وثمود (18)}
قوله: {فِرْعَوْنَ وثمود}: يجوزُ أَنْ يكونَ بدلاً من {الجنود}، وحينئذٍ فكان ينبغي أَنْ يأتيَ البدلُ مطابقاً للمبدلِ منه في الجمعية فقيل: هو على حَذْفِ مضافٍ، أي: جنودِ فرعون.
وقيل: المرادُ فرعونُ وقومُه، واسْتَغْنى بذِكْرِه عن ذِكْرِهم؛ لأنهم أتباعُه. ويجوزُ أن يكونَ منصوباً بإضمار أعني؛ لأنَّه لما لم يُطابق ما قبلَه وجب قَطْعُه.
{بَلْ هُوَ قرآن مجيد (21)}
قوله: {قرآن مجيد}: العامَّةُ على تبعيَّةِ {مجيد} لـ: {قرآن}.
وقرأ ابن السميفع بإضافةِ {قرآن} لـ: {مجيد} فقيل: على حَذْفِ مضافٍ، أي: قرآن ربٍّ مجيد كقوله:
...................... ** ولكنَّ الغِنى رَبٌّ غفورُ

أي: غنى رَبٍّ غفورٍ.
وقيل: بل هو من إضافةِ الموصوف لصفتِه فتتحدُ القراءتان، ولكنْ البصريون لا يُجيزون هذه لئلا يلزَمَ إضافةُ الشيءِ إلى نفسِه، ويتأوّلُون ما وَرَدَ.
{فِي لَوْحٍ محفوظ (22)}
قوله: {محفوظ}: قرأ نافع بالرفع نعتاً لـ: {قرآن}، والباقون بالجرِّ نعتاً لـ: {لوحٍ}. والعامَّةُ على فتح اللام.
وقرأ ابن السَّمَيْفع وابن يعمر بضمِّها.
قال الزمخشري: يعني اللوحَ فوق السماء السابعة الذي فيه اللوحُ محفوظ مِنْ وصولِ الشياطين إليه.
وقال أبو الفضل: اللُّوح: الهواء. وتفسيرُ الزمخشري أمسُّ بالمعنى، وهو الذي أراده ابن خالويه. اهـ.